جامع القرويين أو جامعة القرويين بفاس
أول جامعة في العالم
تأسس جامع القرويين على يد السيدة فاطمة
الفهرية، وهي ابنة تاجر ثري اسمه محمد الفهري، عام 245 هـ الموافق 859 م.
هاجرت عائلة الفهري من القيروان بإفريقية، تونس حاليًا إلى فاس في أوائل القرن
التاسع، وانضمت إلى مجتمع من المهاجرين الآخرين من القيروان الذين استقروا في عدوة
القرويين. ورثت فاطمة وشقيقتها مريم، اللتان كانتا
على جانب من العلم والفضل معًا، مبلغًا كبيرًا من المال من والدهما، وهناك روايات
أخرى بأن فاطمة الفهرية أتت إلى مدينة فاس مع أختها وزوجها، وليس مع والدها، وورثت
منهما بعد أن توفيا، فتعهدت فاطمة بإنفاق كامل ميراثها على بناء مسجد مُناسب
لمجتمعها، أي في فاس عاصمة الدولة الإدريسية. بينما تعهدت أختها ببناء مسجد
الأندلسيين. اشترت فاطمة الفهرية بستانًا وحصلت على تصريح الأمير الإدريسي يحيى بن إدريس لبناء النواة
الأولى لجامع القرويين. ولضمان صيانة المسجد وضمان سيرورته، قامت بوقف جميع
ممتلكاتها. في البداية، كان المسجد مجرد مكان صغير للخطبة، حتى أن صلاة الجمعة
كانت ما تزال تُقام في جامع الشرفاء.
عند أعمال الترميم في البلاط الأوسط فوق قوس المحراب القديم، عُثر
على لوحة مدفونة تحت الجبس منقوش عليها جملة بالخط الكوفي الأفريقي العتيق: «بُني هذا المسجد في شهر ذي القعدة من سنة ثلاثة وستين ومائتي
سنة مما أمر به الإمام أعزه الله داود بن إدريس أبقاه الله ونصره نصرًا عزيزًا».
مِمَّا يُضرب في رواية المنسوبة لفاطمة الفهرية. ويشكك فيها خصوصًا أنها لم تذكر
في كُتب التاريخ إلى حين القرن 13 م من طرف المؤرخ ابن أبي زرع، أي أربع قرون بعد
بناء المسجد، فصارت فاطمة الفهرية محل جدل بين المؤرخين. لكن التقاليد القديمة لا
تلح في ذكر أسماء النساء على المباني سيما مع ما أثر من أن الشعوب قد تقوم
بالمشاريع وترجو إلى الملوك تبنيها تقديرًا لهم وتكريمًا لمقامهم.
في القرن الرابع هجري المُوافق للقرن العاشر ميلادي، سقطت الدولة الأدارسة وأصبحت فاس موضع نزاع بين الدولة الفاطمية والدولة الأموية في الأندلس وحلفائهم. خلال هذه الفترة، زادت مكانة جامعة القرويين تدريجيًا، حيث نُقلت خطبة الجمعة من جامع الشرفاء لإدريس الثاني إلى مسجد القرويين، ممَّا منحه صفة المسجد الجامع، فصار المسجد الرئيسي في تلك العدوة كلها. وقد حدث هذا النقل إما في سنة 307 هـ/919 – 920 م أو في 321 هـ/933 م، وهما تاريخان يتوافقان مع الفترة الوجيزة للسيطرة الفاطِمِيَّة على المدينة، مِمَّا قد يَدُّل على أنَّ هذا النقل رُبما يكون حدث بمبادرةٍ فاطمية. كما صُنع للمسجد منبرًا من خشب الصنوبر. في عام 307 هـ الموافق ل 919– 920 م. وبشكلٍ عام، استمر المسجد ومؤسسته التعليمية في التمتع بالاحترام من النخب السياسية، وقد وسع المرابطون المسجد توسعًا كبيرًا، وقامت السلالات اللاحقة بتزيينه عدة مرات. وقد ثبت عُرفًا بأن تقوم جميع مساجد فاس الأخرى بالأذان حسب توقيت القرويين.
أبرز من درس بجامع القرويين
في جامع القرويين، درس الطلاب العقيدة
والفقه والفلسفة والرياضيات وعلم التنجيم وعِلم الفلك واللغات. كان للجامعة بين
طلابها منذ العصور الوسطى أشخاص مشهورين من جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط مثل
الفيلسوف ابن رشد والجغرافي محمد الإدريسي والفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون.
• سلفستر الثاني (946 – 1003 م)، واسمه جربير هو بابا فرنسي. وهو البابا
الوحيد الذي تعلم العربية وأتقن العلوم عند العرب.
• الشريف الإدريسي (1100 – 1166 م) (493 – 559 هـ). عالم وكاتب وجغرافي مُسلم
ويعتبر من أشهر العلماء المسلمين في مجال علم الخرائط، وعلم المصريات، وقد
استُخدمت مصوراته وخرائطهُ في سائر كشوف عصر النهضة الأوربية.
• موسى بن ميمون (1138 – 1240 م) (529 – 601 هـ). فيلسوف يهودي، كان
أيضًا فلكي بارز وطبيبًا. وواحدًا من أكثر علماء التوراة إنتاجًا وتأثيرًا في
العصور الوسطى. عمل موسى بن ميمون حاخامًا وطبيبًا وفيلسوفًا في المغرب ومصر.
• عبد الرحمان ابن خلدون (1332 – 1406 م) (732 – 808 هـ). عالِم مُسلم ومؤرخ، مُؤسس
علم الاجتماع وقد وُصف بأنَّه أب للتخصصات الحديثة في التأريخ وعلم الاجتماع
والاقتصاد والديموغرافيا. ويُعتبر ابن خلدون أحد أعظم فلاسفة العصور الوسطى.
• عبد الله بن صالح الكتامي عالم نباتي وصيدلاني مُسلم. عاش في دولة
الموحدين، وكان صيدلاني في بلاط الموحِّدين. ويُعد عبد الله الكتامي صاحب أقدم
إجازةٍ معروفةٍ في الطب في العالم.
• نيكولاس كلينايرتس (1495 – 1542 م) نحوي ورحالة فلمكني.
• ليون الإفريقي (1488 – 1554 م) (894 – 962 هـ). دبلوماسي ومستكشف
شمال أفريقيا ومؤلف أندلسي اشتهر بكتابه وصف أفريقيا الذي ركز فيه على جغرافية
المغرب العربي ووادي النيل.
• محمد بن الحسن البناني (1727 – 1780 م) (1130 – 1194 هـ). فقيه مسلم
مغربي برز في القرن الثامن عشر الأكثر شيوعا، كما ركز البناني في بحوثه على
المالكية والفقه الإسلامي
• أحمد بن إدريس الفاسي (1760 – 1837 م)، أحد أعلام التصوف في بلاد
المغرب.
• عبد الكريم الخطابي (1882 – 1963 م). زعيم سياسي وعسكري مغربي. قاد
الثورة ضِدّ الاستعمار الإسباني والفرنسي ومن أشهر المعارك التي خاضها معركة أنوال
والتي انهزمت فيها إسبانية هزيمة ساحقة.
• علال الفاسي (1910 – 1974 م)، عالم ومفكر إسلامي وأديب وسياسي مغربي،
مُؤسس حزب الاستقلال وزعيم الحركة الوطنية المغربية، [116] شارك في المقاومة
الاستعمارية ومعارك الاستقلال والتحرر في المغرب والعالم العربي.
• محمد تقي الدين الهلالي (1893 – 1987 م)، محدث ولغوي وأديب وشاعر ورحالة سلفي ظاهري مغربي، ومن أبرز أعماله ترجمة صحيح البخاري والمجمع للقرآن الكريم باللغة الإنجليزية.
• عبد الله بن الصديق الغماري (1910 – 1993 م)، فقيه وعالم دين مسلم من المغرب.
• فاطمة القباج (1932م)، واحدة من أوائل الطالبات القلائل اللواتي التحقن بجامعة القرويين. أصبحت فيما بعد العضوة الوحيدة في المجلس العلمي الأعلى المغربي سنة 2004.
تعليقات
إرسال تعليق
أكتب تعليقا مناسبا هنا